Book: سفر أشعياء
سفر إِشَعْيَاءَ
1«نَادِ بِصَوْتٍ عَال. لاَ تُمْسِكْ. اِرْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوق وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ، وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ. 2وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرًّا، وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ. 3يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟ هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. 4هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ، وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ. 5أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولاً لِلرَّبِّ؟ 6أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. 7أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ.
8«حِينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ، وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا، وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ، وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَكَ. 9حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هأَنَذَا. إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسَطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالأصْبُعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ 10وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. 11وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ. 12وَمِنْكَ تُبْنَى الْخِرَبُ الْقَدِيمَةُ. تُقِيمُ أَسَاسَاتِ دَوْرٍ فَدَوْرٍ، فَيُسَمُّونَكَ: مُرَمِّمَ الثُّغْرَةِ، مُرْجعَ الْمَسَالِكِ لِلسُّكْنَى.
13«إِنْ رَدَدْتَ عَنِ السَّبْتِ رِجْلَكَ، عَنْ عَمَلِ مَسَرَّتِكَ يَوْمَ قُدْسِي، وَدَعَوْتَ السَّبْتَ لَذَّةً، وَمُقَدَّسَ الرَّبِّ مُكَرَّمًا، وَأَكْرَمْتَهُ عَنْ عَمَلِ طُرُقِكَ وَعَنْ إِيجَادِ مَسَرَّتِكَ وَالتَّكَلُّمِ بِكَلاَمِكَ، 14فَإِنَّكَ حِينَئِذٍ تَتَلَذَّذُ بِالرَّبِّ، وَأُرَكِّبُكَ عَلَى مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ، وَأُطْعِمُكَ مِيرَاثَ يَعْقُوبَ أَبِيكَ، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ».
1بَادَ الصِّدِّيقُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ ذلِكَ فِي قَلْبِهِ. وَرِجَالُ الإِحْسَانِ يُضَمُّونَ، وَلَيْسَ مَنْ يَفْطَنُ بِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ الشَّرِّ يُضَمُّ الصِّدِّيقُ. 2يَدْخُلُ السَّلاَمَ. يَسْتَرِيحُونَ فِي مَضَاجِعِهِمِ. السَّالِكُ بِالاسْتِقَامَةِ.
3«أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقَدَّمُوا إِلَى هُنَا يَا بَنِي السَّاحِرَةِ، نَسْلَ الْفَاسِقِ وَالزَّانِيَةِ. 4بِمَنْ تَسْخَرُونَ، وَعَلَى مَنْ تَفْغَرُونَ الْفَمَ وَتَدْلَعُونَ اللِّسَانَ؟ أَمَا أَنْتُمْ أَوْلاَدُ الْمَعْصِيَةِ، نَسْلُ الْكَذِبِ؟ 5الْمُتَوَقِّدُونَ إِلَى الأَصْنَامِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، الْقَاتِلُونَ الأَوْلاَدَ فِي الأَوْدِيَةِ تَحْتَ شُقُوقِ الْمَعَاقِلِ. 6فِي حِجَارَةِ الْوَادِي الْمُلْسِ نَصِيبُكِ. تِلْكَ هِيَ قُرْعَتُكِ. لِتِلْكَ سَكَبْتِ سَكِيبًا وَأَصْعَدْتِ تَقْدِمَةً. أَعَنْ هذِهِ أَتَعَزَّى؟ 7عَلَى جَبَل عَال وَمُرْتَفِعٍ وَضَعْتِ مَضْجَعَكِ، وَإِلَى هُنَاكَ صَعِدْتِ لِتَذْبَحِي ذَبِيحَةً. 8وَرَاءَ الْبَابِ وَالْقَائِمَةِ وَضَعْتِ تَذْكَارَكِ، لأَنَّكِ لِغَيْرِي كَشَفْتِ وَصَعِدْتِ. أَوْسَعْتِ مَضْجَعَكِ وَقَطَعْتِ لِنَفْسِكِ عَهْدًا مَعَهُمْ. أَحْبَبْتِ مَضْجَعَهُمْ. نَظَرْتِ فُرْصَةً. 9وَسِرْتِ إِلَى الْمَلِكِ بِالدُّهْنِ، وَأَكْثَرْتِ أَطْيَابَكِ، وَأَرْسَلْتِ رُسُلَكِ إِلَى بُعْدٍ وَنَزَلْتِ حَتَّى إِلَى الْهَاوِيَةِ. 10بِطُولِ أَسْفَارِكِ أَعْيَيْتِ، وَلَمْ تَقُولِي: يَئِسْتُ. شَهْوَتَكِ وَجَدْتِ، لِذلِكَ لَمْ تَضْعُفِي. 11وَمِمَّنْ خَشِيتِ وَخِفْتِ حَتَّى خُنْتِ، وَإِيَّايَ لَمْ تَذْكُرِي، وَلاَ وَضَعْتِ فِي قَلْبِكِ؟ أَمَّا أَنَا سَاكِتٌ، وَذلِكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ، فَإِيَّايَ لَمْ تَخَافِي. 12أَنَا أُخْبِرُ بِبِرِّكِ وَبِأَعْمَالِكِ فَلاَ تُفِيدُكِ.
13إِذْ تَصْرُخِينَ فَلْيُنْقِذْكِ جُمُوعُكِ. وَلكِنِ الرِّيحُ تَحْمِلُهُمْ كُلَّهُمْ. تَأْخُذُهُمْ نَفَخَةٌ. أَمَّا الْمُتَوَكِّلُ عَلَيَّ فَيَمْلِكُ الأَرْضَ وَيَرِثُ جَبَلَ قُدْسِي».
14وَيَقُولُ: «أَعِدُّوا، أَعِدُّوا. هَيِّئُوا الطَّرِيقَ. ارْفَعُوا الْمَعْثَرَةَ مِنْ طَرِيقِ شَعْبِي». 15لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ، سَاكِنُ الأَبَدِ، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: «فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ، لأُحْيِيَ رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَلأُحْيِيَ قَلْبَ الْمُنْسَحِقِينَ. 16لأَنِّي لاَ أُخَاصِمُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ أَغْضَبُ إِلَى الدَّهْرِ. لأَنَّ الرُّوحَ يُغْشَى عَلَيْهَا أَمَامِي، وَالنَّسَمَاتُ الَّتِي صَنَعْتُهَا. 17مِنْ أَجْلِ إِثْمِ مَكْسَبِهِ غَضِبْتُ وَضَرَبْتُهُ. اَسْتَتَرْتُ وَغَضِبْتُ، فَذَهَبَ عَاصِيًا فِي طَرِيقِ قَلْبِهِ. 18رَأَيْتُ طُرُقَهُ وَسَأَشْفِيهِ وَأَقُودُهُ، وَأَرُدُّ تَعْزِيَاتٍ لَهُ وَلِنَائِحِيهِ 19خَالِقًا ثَمَرَ الشَّفَتَيْنِ. سَلاَمٌ سَلاَمٌ لِلْبَعِيدِ وَلِلْقَرِيبِ، قَالَ الرَّبُّ، وَسَأَشْفِيهِ. 20أَمَّا الأَشْرَارُ فَكَالْبَحْرِ الْمُضْطَرِبِ لأَنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدَأَ، وَتَقْذِفُ مِيَاهُهُ حَمْأَةً وَطِينًا. 21لَيْسَ سَلاَمٌ، قَالَ إِلهِي، لِلأَشْرَارِ.
1هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «احْفَظُوا الْحَقَّ وَأَجْرُوا الْعَدْلَ. لأَنَّهُ قَرِيبٌ مَجِيءُ خَلاَصِي وَاسْتِعْلاَنُ بِرِّي. 2طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَعْمَلُ هذَا، وَلابْنِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَتَمَسَّكُ بِهِ، الْحَافِظِ السَّبْتَ لِئَلاَّ يُنَجِّسَهُ، وَالْحَافِظِ يَدَهُ مِنْ كُلِّ عَمَلِ شَرّ».
3فَلاَ يَتَكَلَّمِ ابْنُ الْغَرِيبِ الَّذِي اقْتَرَنَ بِالرَّبِّ قَائِلاً: «إِفْرَازًا أَفْرَزَنِي الرَّبُّ مِنْ شَعْبِهِ». وَلاَ يَقُلِ الْخَصِيُّ: «هَا أَنَا شَجَرَةٌ يَابِسَةٌ». 4لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِلْخِصْيَانِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ سُبُوتِي، وَيَخْتَارُونَ مَا يَسُرُّنِي، وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي: 5«إِنِّي أُعْطِيهِمْ فِي بَيْتِي وَفِي أَسْوَارِي نُصُبًا وَاسْمًا أَفْضَلَ مِنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ. أُعْطِيهِمُِ اسْمًا أَبَدِيًّا لاَ يَنْقَطِعُ. 6وَأَبْنَاءُ الْغَرِيبِ الَّذِينَ يَقْتَرِنُونَ بِالرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَلِيُحِبُّوا اسْمَ الرَّبِّ لِيَكُونُوا لَهُ عَبِيدًا، كُلُّ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ السَّبْتَ لِئَلاَّ يُنَجِّسُوهُ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي، 7آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي، وَأُفَرِّحُهُمْ فِي بَيْتِ صَلاَتِي، وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، لأَنَّ بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ». 8يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ جَامِعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ: «أَجْمَعُ بَعْدُ إِلَيْهِ، إِلَى مَجْمُوعِيهِ».
9يَا جَمِيعَ وُحُوشِ الْبَرِّ تَعَالَيْ لِلأَكْلِ. يَا جَمِيعَ الْوُحُوشِ الَّتِي فِي الْوَعْرِ. 10مُرَاقِبُوهُ عُمْيٌ كُلُّهُمْ. لاَ يَعْرِفُونَ. كُلُّهُمْ كِلاَبٌ بُكْمٌ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَنْبَحَ. حَالِمُونَ مُضْطَجِعُونَ، مُحِبُّو النَّوْمِ. 11وَالْكِلاَبُ شَرِهَةٌ لاَ تَعْرِفُ الشَّبَعَ. وَهُمْ رُعَاةٌ لاَ يَعْرِفُونَ الْفَهْمَ. الْتَفَتُوا جَمِيعًا إِلَى طُرُقِهِمْ، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى الرِّبْحِ عَنْ أَقْصَى. 12«هَلُمُّوا آخُذُ خَمْرًا وَلْنَشْتَفَّ مُسْكِرًا، وَيَكُونُ الْغَدُ كَهذَا الْيَوْمِ عَظِيمًا بَلْ أَزْيَدَ جِدًّا».
1«أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالَوْا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْرًا وَلَبَنًا. 2لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ، وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟ اسْتَمِعُوا لِي اسْتِمَاعًا وَكُلُوا الطَّيِّبَ، وَلْتَتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ أَنْفُسُكُمْ. 3أَمِيلُوا آذَانَكُمْ وَهَلُمُّوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا فَتَحْيَا أَنْفُسُكُمْ. وَأَقْطَعَ لَكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا، مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ. 4هُوَذَا قَدْ جَعَلْتُهُ شَارِعًا لِلشُّعُوبِ، رَئِيسًا وَمُوصِيًا لِلشُّعُوبِ. 5هَا أُمَّةٌ لاَ تَعْرِفُهَا تَدْعُوهَا، وَأُمَّةٌ لَمْ تَعْرِفْكَ تَرْكُضُ إِلَيْكَ، مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكَ».
6اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. 7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ. 8«لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. 9لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. 10لأَنَّهُ كَمَا يَنْزِلُ الْمَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلاَ يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ، بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ وَيَجْعَلاَنِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلآكِلِ، 11هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ. 12لأَنَّكُمْ بِفَرَحٍ تَخْرُجُونَ وَبِسَلاَمٍ تُحْضَرُونَ. الْجِبَالُ وَالآكَامُ تُشِيدُ أَمَامَكُمْ تَرَنُّمًا، وَكُلُّ شَجَرِ الْحَقْلِ تُصَفِّقُ بِالأَيَادِي. 13عِوَضًا عَنِ الشَّوْكِ يَنْبُتُ سَرْوٌ، وَعِوَضًا عَنِ الْقَرِيسِ يَطْلَعُ آسٌ. وَيَكُونُ لِلرَّبِّ اسْمًا، عَلاَمَةً أَبَدِيَّةً لاَ تَنْقَطِعُ».
1«تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَمْخَضْ، لأَنَّ بَنِي الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي ذَاتِ الْبَعْلِ، قَالَ الرَّبُّ. 2أَوْسِعِي مَكَانَ خَيْمَتِكِ، وَلْتُبْسَطْ شُقَقُ مَسَاكِنِكِ. لاَ تُمْسِكِي. أَطِيلِي أَطْنَابَكِ وَشَدِّدِي أَوْتَادَكِ، 3لأَنَّكِ تَمْتَدِّينَ إِلَى الْيَمِينِ وَإِلَى الْيَسَارِ، وَيَرِثُ نَسْلُكِ أُمَمًا، وَيُعْمِرُ مُدُنًا خَرِبَةً. 4لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ لاَ تَخْزَيْنَ، وَلاَ تَخْجَلِي لأَنَّكِ لاَ تَسْتَحِينَ. فَإِنَّكِ تَنْسَيْنَ خِزْيَ صَبَاكِ، وَعَارُ تَرَمُّلِكِ لاَ تَذْكُرِينَهُ بَعْدُ. 5لأَنَّ بَعْلَكِ هُوَ صَانِعُكِ، رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ، وَوَلِيُّكِ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، إِلهَ كُلِّ الأَرْضِ يُدْعَى. 6لأَنَّهُ كَامْرَأَةٍ مَهْجُورَةٍ وَمَحْزُونَةِ الرُّوحِ دَعَاكِ الرَّبُّ، وَكَزَوْجَةِ الصِّبَا إِذَا رُذِلَتْ، قَالَ إِلهُكِ. 7لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ، وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ. 8بِفَيَضَانِ الْغَضَبِ حَجَبْتُ وَجْهِي عَنْكِ لَحْظَةً، وَبِإِحْسَانٍ أَبَدِيٍّ أَرْحَمُكِ، قَالَ وَلِيُّكِ الرَّبُّ. 9لأَنَّهُ كَمِيَاهِ نُوحٍ هذِهِ لِي. كَمَا حَلَفْتُ أَنْ لاَ تَعْبُرَ بَعْدُ مِيَاهُ نُوحٍ عَلَى الأَرْضِ، هكَذَا حَلَفْتُ أَنْ لاَ أَغْضَبَ عَلَيْكِ وَلاَ أَزْجُرَكِ. 10فَإِنَّ الْجِبَالَ تَزُولُ، وَالآكَامَ تَتَزَعْزَعُ، أَمَّا إِحْسَانِي فَلاَ يَزُولُ عَنْكِ، وَعَهْدُ سَلاَمِي لاَ يَتَزَعْزَعُ، قَالَ رَاحِمُكِ الرَّبُّ.
11«أَيَّتُهَا الذَّلِيلَةُ الْمُضْطَرِبَةُ غَيْرُ الْمُتَعَزِّيَةِ، هأَنَذَا أَبْنِي بِالأُثْمُدِ حِجَارَتَكِ، وَبِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ أُؤَسِّسُكِ، 12وَأَجْعَلُ شُرَفَكِ يَاقُوتًا، وَأَبْوَابَكِ حِجَارَةً بَهْرَمَانِيَّةً، وَكُلَّ تُخُومِكِ حِجَارَةً كَرِيمَةً 13وَكُلَّ بَنِيكِ تَلاَمِيذَ الرَّبِّ، وَسَلاَمَ بَنِيكِ كَثِيرًا. 14بِالْبِرِّ تُثَبَّتِينَ بَعِيدَةً عَنِ الظُّلْمِ فَلاَ تَخَافِينَ، وَعَنِ الارْتِعَابِ فَلاَ يَدْنُو مِنْكِ. 15هَا إِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ اجْتِمَاعًا لَيْسَ مِنْ عِنْدِي. مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْكِ فَإِلَيْكِ يَسْقُطُ. 16هأَنَذَا قَدْ خَلَقْتُ الْحَدَّادَ الَّذِي يَنْفُخُ الْفَحْمَ فِي النَّارِ وَيُخْرِجُ آلَةً لِعَمَلِهِ، وَأَنَا خَلَقْتُ الْمُهْلِكَ لِيَخْرِبَ.
17«كُلُّ آلَةٍ صُوِّرَتْ ضِدَّكِ لاَ تَنْجَحُ، وَكُلُّ لِسَانٍ يَقُومُ عَلَيْكِ فِي الْقَضَاءِ تَحْكُمِينَ عَلَيْهِ. هذَا هُوَ مِيرَاثُ عَبِيدِ الرَّبِّ وَبِرُّهُمْ مِنْ عِنْدِي، يَقُولُ الرَّبُّ.
1مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ 2نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.
4لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.
10أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. 11مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. 12لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.
1اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! الْبَسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ. 2اِنْتَفِضِي مِنَ التُّرَابِ. قُومِي اجْلِسِي يَا أُورُشَلِيمُ. انْحَلِّي مِنْ رُبُطِ عُنُقِكِ أَيَّتُهَا الْمَسْبِيَّةُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ. 3فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مَجَّانًا بُعْتُمْ، وَبِلاَ فِضَّةٍ تُفَكُّونَ». 4لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «إِلَى مِصْرَ نَزَلَ شَعْبِي أَوَّلاً لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ. ثُمَّ ظَلَمَهُ أَشُّورُ بِلاَ سَبَبٍ. 5فَالآنَ مَاذَا لِي هُنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أُخِذَ شَعْبِي مَجَّانًا؟ الْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِ يَصِيحُونَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَدَائِمًا كُلَّ يَوْمٍ اسْمِي يُهَانُ. 6لِذلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي. لِذلِكَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ الْمُتَكَلِّمُ. هأَنَذَا».
7مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ، الْمُخْبِرِ بِالْخَلاَصِ، الْقَائِلِ لِصِهْيَوْنَ: «قَدْ مَلَكَ إِلهُكِ!». 8صَوْتُ مُرَاقِبِيكِ. يَرْفَعُونَ صَوْتَهُمْ. يَتَرَنَّمُونَ مَعًا، لأَنَّهُمْ يُبْصِرُونَ عَيْنًا لِعَيْنٍ عِنْدَ رُجُوعِ الرَّبِّ إِلَى صِهْيَوْنَ. 9أَشِيدِي تَرَنَّمِي مَعًا يَا خِرَبَ أُورُشَلِيمَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ. فَدَى أُورُشَلِيمَ. 10قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ الأُمَمِ، فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ الأَرْضِ خَلاَصَ إِلهِنَا.
11اِعْتَزِلُوا، اعْتَزِلُوا. اخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ. لاَ تَمَسُّوا نَجِسًا. اخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهَا. تَطَهَّرُوا يَا حَامِلِي آنِيَةِ الرَّبِّ. 12لأَنَّكُمْ لاَ تَخْرُجُونَ بِالْعَجَلَةِ، وَلاَ تَذْهَبُونَ هَارِبِينَ. لأَنَّ الرَّبَّ سَائِرٌ أَمَامَكُمْ، وَإِلهَ إِسْرَائِيلَ يَجْمَعُ سَاقَتَكُمْ.
13هُوَذَا عَبْدِي يَعْقِلُ، يَتَعَالَى وَيَرْتَقِي وَيَتَسَامَى جِدًّا. 14كَمَا انْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَدًا أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ. 15هكَذَا يَنْضِحُ أُمَمًا كَثِيرِينَ. مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ.
1«اِسْمَعُوا لِي أَيُّهَا التَّابِعُونَ الْبِرَّ الطَّالِبُونَ الرَّبَّ: انْظُرُوا إِلَى الصَّخْرِ الَّذِي مِنْهُ قُطِعْتُمْ، وَإِلَى نُقْرَةِ الْجُبِّ الَّتِي مِنْهَا حُفِرْتُمُ. 2انْظُرُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَبِيكُمْ، وَإِلَى سَارَةَ الَّتِي وَلَدَتْكُمْ. لأَنِّي دَعَوْتُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَبَارَكْتُهُ وَأَكْثَرْتُهُ. 3فَإِنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى صِهْيَوْنَ. عَزَّى كُلَّ خِرَبِهَا، وَيَجْعَلُ بَرِّيَّتَهَا كَعَدْنٍ، وَبَادِيَتَهَا كَجَنَّةِ الرَّبِّ. الْفَرَحُ وَالابْتِهَاجُ يُوجَدَانِ فِيهَا. الْحَمْدُ وَصَوْتُ التَّرَنُّمِ.
4«اُنْصُتُوا إِلَيَّ يَا شَعْبِي، وَيَا أُمَّتِي اصْغِي إِلَيَّ: لأَنَّ شَرِيعَةً مِنْ عِنْدِي تَخْرُجُ، وَحَقِّي أُثَبِّتُهُ نُورًا لِلشُّعُوبِ. 5قَرِيبٌ بِرِّي. قَدْ بَرَزَ خَلاَصِي، وَذِرَاعَايَ يَقْضِيَانِ لِلشُّعُوبِ. إِيَّايَ تَرْجُو الْجَزَائِرُ وَتَنْتَظِرُ ذِرَاعِي.
6«اِرْفَعُوا إِلَى السَّمَاوَاتِ عُيُونَكُمْ، وَانْظُرُوا إِلَى الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ. فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ كَالدُّخَانِ تَضْمَحِلُّ، وَالأَرْضَ كَالثَّوْبِ تَبْلَى، وَسُكَّانَهَا كَالْبَعُوضِ يَمُوتُونَ. أَمَّا خَلاَصِي فَإِلَى الأَبَدِ يَكُونُ وَبِرِّي لاَ يُنْقَضُ. 7اِسْمَعُوا لِي يَا عَارِفِي الْبِرِّ، الشَّعْبَ الَّذِي شَرِيعَتِي فِي قَلْبِهِ: لاَ تَخَافُوا مِنْ تَعْيِيرِ النَّاسِ، وَمِنْ شَتَائِمِهِمْ لاَ تَرْتَاعُوا، 8لأَنَّهُ كَالثَّوْبِ يَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ، وَكَالصُّوفِ يَأْكُلُهُمُ السُّوسُ. أَمَّا بِرِّي فَإِلَى الأَبَدِ يَكُونُ، وَخَلاَصِي إِلَى دَوْرِ الأَدْوَارِ».
9اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ! اسْتَيْقِظِي كَمَا فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ، كَمَا فِي الأَدْوَارِ الْقَدِيمَةِ. أَلَسْتِ أَنْتِ الْقَاطِعَةَ رَهَبَ، الطَّاعِنَةَ التِّنِّينَ؟ 10أَلَسْتِ أَنْتِ هِيَ الْمُنَشِّفَةَ الْبَحْرَ، مِيَاهَ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ، الْجَاعِلَةَ أَعْمَاقَ الْبَحْرِ طَرِيقًا لِعُبُورِ الْمَفْدِيِّينَ؟ 11وَمَفْدِيُّو الرَّبِّ يَرْجِعُونَ وَيَأْتُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ بِالتَّرَنُّمِ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ فَرَحٌ أَبَدِيٌّ. ابْتِهَاجٌ وَفَرَحٌ يُدْرِكَانِهِمْ. يَهْرُبُ الْحُزْنُ وَالتَّنَهُّدُ. 12«أَنَا أَنَا هُوَ مُعَزِّيكُمْ. مَنْ أَنْتِ حَتَّى تَخَافِي مِنْ إِنْسَانٍ يَمُوتُ، وَمِنِ ابْنِ الإِنْسَانِ الَّذِي يُجْعَلُ كَالْعُشْبِ؟ 13وَتَنْسَى الرَّبَّ صَانِعَكَ، بَاسِطَ السَّمَاوَاتِ وَمُؤَسِّسَ الأَرْضِ، وَتَفْزَعُ دَائِمًا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ غَضَبِ الْمُضَايِقِ عِنْدَمَا هَيَّأَ لِلإِهْلاَكِ. وَأَيْنَ غَضَبُ الْمُضَايِقِ؟ 14سَرِيعًا يُطْلَقُ الْمُنْحَنِي، وَلاَ يَمُوتُ فِي الْجُبِّ وَلاَ يُعْدَمُ خُبْزُهُ.
15وَأَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُزْعِجُ الْبَحْرِ فَتَعِجُّ لُجَجُهُ. رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. 16وَقَدْ جَعَلْتُ أَقْوَالِي فِي فَمِكَ، وَبِظِلِّ يَدِي سَتَرْتُكَ لِغَرْسِ السَّمَاوَاتِ وَتَأْسِيسِ الأَرْضِ، وَلِتَقُولَ لِصِهْيَوْنَ: أَنْتِ شَعْبِي».
17اِنْهَضِي، انْهَضِي! قُومِي يَا أُورُشَلِيمُ الَّتِي شَرِبْتِ مِنْ يَدِ الرَّبِّ كَأْسَ غَضَبِهِ، ثُفْلَ كَأْسِ التَّرَنُّحِ شَرِبْتِ. مَصَصْتِ. 18لَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُودُهَا مِنْ جَمِيعِ الْبَنِينَ الَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ، وَلَيْسَ مَنْ يُمْسِكُ بِيَدِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبَنِينَ الَّذِينَ رَبَّتْهُمْ. 19اِثْنَانِ هُمَا مُلاَقِيَاكِ. مَنْ يَرْثِي لَكِ؟ الْخَرَابُ وَالانْسِحَاقُ وَالْجُوعُ وَالسَّيْفُ. بِمَنْ أُعَزِّيكِ؟ 20بَنُوكِ قَدْ أَعْيَوْا. اضْطَجَعُوا فِي رَأْسِ كُلِّ زُقَاق كَالْوَعْلِ فِي شَبَكَةٍ. الْمَلآنُونَ مِنْ غَضَبِ الرَّبِّ، مِنْ زَجْرَةِ إِلهِكِ.
21لِذلِكَ اسْمَعِي هذَا أَيَّتُهَا الْبَائِسَةُ وَالسَّكْرَى وَلَيْسَ بِالْخَمْرِ. 22هكَذَا قَالَ سَيِّدُكِ الرَّبُّ، وَإِلهُكِ الَّذِي يُحَاكِمُ لِشَعْبِهِ: «هأَنَذَا قَدْ أَخَذْتُ مِنْ يَدِكِ كَأْسَ التَّرَنُّحِ، ثُفْلَ كَأْسِ غَضَبِي. لاَ تَعُودِينَ تَشْرَبِينَهَا فِي مَا بَعْدُ. 23وَأَضَعُهَا فِي يَدِ مُعَذِّبِيكِ الَّذِينَ قَالُوا لِنَفْسِكِ: انْحَنِي لِنَعْبُرَ. فَوَضَعْتِ كَالأَرْضِ ظَهْرَكِ وَكَالزُّقَاقِ لِلْعَابِرِينَ».
1هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «أَيْنَ كِتَابُ طَلاَقِ أُمِّكُمُ الَّتِي طَلَّقْتُهَا، أَوْ مَنْ هُوَ مِنْ غُرَمَائِي الَّذِي بِعْتُهُ إِيَّاكُمْ؟ هُوَذَا مِنْ أَجْلِ آثَامِكُمْ قَدْ بُعْتُمْ، وَمِنْ أَجْلِ ذُنُوبِكُمْ طُلِّقَتْ أُمُّكُمْ. 2لِمَاذَا جِئْتُ وَلَيْسَ إِنْسَانٌ، نَادَيْتُ وَلَيْسَ مُجِيبٌ؟ هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ؟ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْرًا. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ، وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَمًا، وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».
4أَعْطَانِي السَّيِّدُ الرَّبُّ لِسَانَ الْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ الْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ. يُوقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ لِي أُذُنًا، لأَسْمَعَ كَالْمُتَعَلِّمِينَ. 5السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُنًا وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ. إِلَى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ. 6بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ، وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ.
7وَالسَّيِّدُ الرَّبُّ يُعِينُنِي، لِذلِكَ لاَ أَخْجَلُ. لِذلِكَ جَعَلْتُ وَجْهِي كَالصَّوَّانِ وَعَرَفْتُ أَنِّي لاَ أَخْزَى. 8قَرِيبٌ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُنِي. مَنْ يُخَاصِمُنِي؟ لِنَتَوَاقَفْ! مَنْ هُوَ صَاحِبُ دَعْوَى مَعِي؟ لِيَتَقَدَّمْ إِلَيَّ! 9هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ يُعِينُنِي. مَنْ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَيَّ؟ هُوَذَا كُلُّهُمْ كَالثَّوْبِ يَبْلَوْنَ. يَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ.
10مَنْ مِنْكُمْ خَائِفُ الرَّبِّ، سَامِعٌ لِصَوْتِ عَبْدِهِ؟ مَنِ الَّذِي يَسْلُكُ فِي الظُّلُمَاتِ وَلاَ نُورَ لَهُ؟ فَلْيَتَّكِلْ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ وَيَسْتَنِدْ إِلَى إِلهِهِ. 11يَا هؤُلاَءِ جَمِيعُكُمُ، الْقَادِحِينَ نَارًا، الْمُتَنَطِّقِينَ بِشَرَارٍ، اسْلُكُوا بِنُورِ نَارِكُمْ وَبِالشَّرَارِ الَّذِي أَوْقَدْتُمُوهُ. مِنْ يَدِي صَارَ لَكُمْ هذَا. فِي الْوَجَعِ تَضْطَجِعُونَ.
1اِسْمَعِي لِي أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ، وَاصْغَوْا أَيُّهَا الأُمَمُ مِنْ بَعِيدٍ: الرَّبُّ مِنَ الْبَطْنِ دَعَانِي. مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي ذَكَرَ اسْمِي، 2وَجَعَلَ فَمِي كَسَيْفٍ حَادٍّ. فِي ظِلِّ يَدِهِ خَبَّأَنِي وَجَعَلَنِي سَهْمًا مَبْرِيًّا. فِي كِنَانَتِهِ أَخْفَانِي. 3وَقَالَ لِي: «أَنْتَ عَبْدِي إِسْرَائِيلُ الَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ». 4أَمَّا أَنَا فَقُلْتُ: « عَبَثًا تَعِبْتُ. بَاطِلاً وَفَارِغًا أَفْنَيْتُ قُدْرَتِي. لكِنَّ حَقِّي عِنْدَ الرَّبِّ، وَعَمَلِي عِنْدَ إِلهِي».
5وَالآنَ قَالَ الرَّبُّ جَابِلِي مِنَ الْبَطْنِ عَبْدًا لَهُ، لإِرْجَاعِ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ، فَيَنْضَمُّ إِلَيْهِ إِسْرَائِيلُ فَأَتَمَجَّدُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَإِلهِي يَصِيرُ قُوَّتِي. 6فَقَالَ: «قَلِيلٌ أَنْ تَكُونَ لِي عَبْدًا لإِقَامَةِ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ، وَرَدِّ مَحْفُوظِي إِسْرَائِيلَ. فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». 7هكَذَا قَالَ الرَّبُّ فَادِي إِسْرَائِيلَ، قُدُّوسُهُ، لِلْمُهَانِ النَّفْسِ، لِمَكْرُوهِ الأُمَّةِ، لِعَبْدِ الْمُتَسَلِّطِينَ: «يَنْظُرُ مُلُوكٌ فَيَقُومُونَ. رُؤَسَاءُ فَيَسْجُدُونَ. لأَجْلِ الرَّبِّ الَّذِي هُوَ أَمِينٌ، وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي قَدِ اخْتَارَكَ».
8هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «فِي وَقْتِ الْقُبُولِ اسْتَجَبْتُكَ، وَفِي يَوْمِ الْخَلاَصِ أَعَنْتُكَ. فَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ، لإِقَامَةِ الأَرْضِ، لِتَمْلِيكِ أَمْلاَكِ الْبَرَارِيِّ، 9قَائِلاً لِلأَسْرَى: اخْرُجُوا. لِلَّذِينَ فِي الظَّلاَمِ: اظْهَرُوا. عَلَى الطُّرُقِ يَرْعَوْنَ وَفِي كُلِّ الْهِضَابِ مَرْعَاهُمْ. 10لاَ يَجُوعُونَ وَلاَ يَعْطَشُونَ، وَلاَ يَضْرِبُهُمْ حَرٌّ وَلاَ شَمْسٌ، لأَنَّ الَّذِي يَرْحَمُهُمْ يَهْدِيهِمْ وَإِلَى يَنَابِيعِ الْمِيَاهِ يُورِدُهُمْ. 11وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي طَرِيقًا، وَمَنَاهِجِي تَرْتَفِعُ. 12هؤُلاَءِ مِنْ بَعِيدٍ يَأْتُونَ، وَهؤُلاَءِ مِنَ الشَّمَالِ وَمِنَ الْمَغْرِبِ، وَهؤُلاَءِ مِنْ أَرْضِ سِينِيمَ». 13تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ، وَابْتَهِجِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ. لِتُشِدِ الْجِبَالُ بِالتَّرَنُّمِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ، وَعَلَى بَائِسِيهِ يَتَرَحَّمُ.
14وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي». 15«هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. 16هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِمًا. 17قَدْ أَسْرَعَ بَنُوكِ. هَادِمُوكِ وَمُخْرِبُوكِ مِنْكِ يَخْرُجُونَ. 18اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. كُلُّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا، أَتَوْا إِلَيْكِ. حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّكِ تَلْبَسِينَ كُلَّهُمْ كَحُلِيٍّ، وَتَتَنَطَّقِينَ بِهِمْ كَعَرُوسٍ. 19إِنَّ خِرَبَكِ وَبَرَارِيَّكِ وَأَرْضَ خَرَابِكِ، إِنَّكِ تَكُونِينَ الآنَ ضَيِّقَةً عَلَى السُّكَّانِ، وَيَتَبَاعَدُ مُبْتَلِعُوكِ. 20يَقُولُ أَيْضًا فِي أُذُنَيْكِ بَنُو ثُكْلِكِ: ضَيِّقٌ عَلَيَّ الْمَكَانُ. وَسِّعِي لِي لأَسْكُنَ. 21فَتَقُولِينَ فِي قَلْبِكِ: مَنْ وَلَدَ لِي هؤُلاَءِ وَأَنَا ثَكْلَى، وَعَاقِرٌ مَنْفِيَّةٌ وَمَطْرُودَةٌ؟ وَهؤُلاَءِ مَنْ رَبَّاهُمْ؟ هأَنَذَا كُنْتُ مَتْرُوكَةً وَحْدِي. هؤُلاَءِ أَيْنَ كَانُوا؟».
22هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَا إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى الأُمَمِ يَدِي وَإِلَى الشُّعُوبِ أُقِيمُ رَايَتِي، فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ فِي الأَحْضَانِ، وَبَنَاتُكِ عَلَى الأَكْتَافِ يُحْمَلْنَ. 23وَيَكُونُ الْمُلُوكُ حَاضِنِيكِ وَسَيِّدَاتُهُمْ مُرْضِعَاتِكِ. بِالْوُجُوهِ إِلَى الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لَكِ، وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ».
24هَلْ تُسْلَبُ مِنَ الْجَبَّارِ غَنِيمَةٌ؟ وَهَلْ يُفْلِتُ سَبْيُ الْمَنْصُورِ؟ 25فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «حَتَّى سَبْيُ الْجَبَّارِ يُسْلَبُ، وَغَنِيمَةُ الْعَاتِي تُفْلِتُ. وَأَنَا أُخَاصِمُ مُخَاصِمَكِ وَأُخَلِّصُ أَوْلاَدَكِ، 26وَأُطْعِمُ ظَالِمِيكِ لَحْمَ أَنْفُسِهِمْ، وَيَسْكَرُونَ بِدَمِهِمْ كَمَا مِنْ سُلاَفٍ، فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ، وَفَادِيكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ».